من تاريخ الحركة الوطنية الديمقراطية.
--------------
*الوثيقة النقديه امام تجربة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني.*
المقره في مؤتمره الاخير اواخر78م.
--------------
عرض/عبدالجليل عثمان الاكحلي.
--------------
7-3
*الحزب من الجمود الي اليسار المغامر71-73م.*
--------
لم يكن من الغريب أن تستفحل أزمة الحزب في هذه الفترة التي تفجرت فيها خلافات على اكثر من مستوى داخل الحزب، أهمها الخلافات الحاده في اللجنه المركزيه وأمانتها العامه.فقد برز تناقض حاد بين النظريه التي تمثلت في قرارات المؤتمر الاستثنائي الاول وظروف الواقع الملموس الذي اثبتت خطاء تلك المنطلقات النظريه.فلقد كان من المفروض أن تكون أولى مهمات القيادة التي انتخبها المؤتمر الاعداد لحرب التحرير الشعبيه، واعداد الحزب لها والمباشرة في ممارستها لكن هذه القياده قد عجزت عن تحقيق المهام التي حددها المؤتمر بسبب قصورها الذاتي، واصطدامها بالواقع الملموس الرافض للتشكل وفقا للرغبات الذاتيه.
*وفي هذا الوقت كان تيار اليسار الانتهازي المغامر في التنظيم والسلطه في الشطر الجنوبي من الوطن والذي ضرب في 26يونيو78م قد أخذ يلعب دورا بارزا ويقوم بأجراءات سياسية واقتصاديه واجتماعيه تتميز بالفوضويه والقفز فوق الواقع وحرق المراحل، مما أدى الي الاضرار بمصالح الطبقات الحليفة كالفلاحين والبرجوازيه الصغيرة، وتشويه سمعة النظام التقدمي خارجيا.وقدعكس هذا النهج نفسه على الحزب، وقيادتة بشكل خاص في ظل انتشار الافكار اليسارية المغامرة في الحزب وضعف الاتجاه الاشتراكي العلمي فيه وقساوة أوضاعة الداخلية وصعوبة ظروف المرحلة وتحولها الي اتجاه عام ساد فيه تجلى في ممارسات الحزب النضالية. ففي أوائل السبعينات تم دفع العديد من كوادر ومناضلي الحزب للقيام بعمليات مسلحة قبل اتخاذ قرار البدء فيها من قبل اللجنه المركزية. وفي اجتماع اغسطس72م للجنه المركزية اتخذ العديد من القرارات بالاغلبية، كان أهمها أقرار المجابهة المسلحة وتشكيل منظمة جيش الشعب الثورري* كجناح عسكري للحزب *والدعوة لأقامة جبهة وطنية على أساس الكفاح المسلح.* ومن ناحية اخرى أقر في هذا الاجتماع التحضير لعقد مؤتمر عام يقف أمام أزمة الحزب بمختلف مظاهرها ويستجيب لمتطلبات الثورة في مرحلتها الراهنة. وقد *حددت اللجنه المركزيه في هذا الاجتماع موضوعات المؤتمر على النحو التالي:-*
1-تقرير اللجنه المركزية.
2-التحليل السياسي.
3-البرنامج السياسي للحزب.
4-تعديلات على النظام الداخلي.
5-م البرنامج السياسي للجبهه الوطنية.
6-م النظام الداخلي للجبهه الوطنيه.
7-دراسة عن اوضاع الحزب.
وحدد في هذا الاجتماع ايضا طريقة أختيار المندوبين الي المؤتمر على أساس الانتخاب في المدن والتعيين في الارياف.
*ولكن سيادة الاتجاه اليساري المغامر في الحزب قد حال دون تنفيذ تلك القرارات الهامة.ولم تتم عملية التحضير للمؤتمر*
وفيما بعد فوجى الجميع بتحديد زمان ومكان المؤتمر قبل أنجاز كتابة الوثائق وانزالها للمناقشة في منظمات الحزب بالمحافظات، ولم تقدم تلك الوثائق حتى الى المؤتمرنفسه، بل قدمت ثلاث مداخلات شخصية لاتمت بصلة الي قرارات اللجنه المركزية. ولم تنتخب بعض منظمات الحزب مندوبيها الي المؤتمر بالطريقة التي حددتها ل .م .
كمالم تتولى التحضير للمؤتمر أية جهة محددة لا اللجنه المركزية ولا لجنه مختاره لهذا الغرض.
*وتوترت الاجواء السياسية في منتصف فبراير72م على أثر مقتل الغادر، حيث أستغلت قوى الاقطاع هذا الحادث لتوتير الاجواء، وعملت القوى الرجعية والامبرياليه على دفع الشمال باتجاه المواجهة مع الجنوب، مقدرة ان الحرب اذا لم تستطيع ان تقضي على النظام التقدمي في الجنوب فهي ستضعفه حتما وستشغله عن تنفيذ خططه وتثبيت اركان تجربته، وأن أجواء الحرب هي الظرف الملائم لتصفية الحركة الوطنية في الشمال والتي تشكل بتحالفها مع الثورة في الجنوب مصدر تهديد للمخططات الامبريالية والرجعية في المنطقة، ولذلك شنت السلطة الرجعية في الشمال حملة اعتقالات وأرهاب واسعة استهدفت الحركه الوطنيه الديمقراطية في الشمال، وخاصة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني..وفرضت حالة من الحصار الاعلامي زالاقتصادي ضد النظام التقدمي في الجنوب.وكانت بعض قوى السلطة ترى الاكتفاء في البداية بالحصار الاعلامي والاقتصادي وتنظيم عمليات التخريب المسلحة من الخارج وترتيب عمليات مدروسة للتخريب الاقتصادي والاداري من الداخل، ومواصلة حملة الارهاب والملاحقة ضد اليسار في الشمال، حتى يسقط النظام أو يصبح عرضة للسقوط بسهولة من جراء ضربه سريعه لاتكلف وقتا،ولاتحتاج الي تضحيات كبيرة. الا أن القوى الرجعية المتطرفة قد أخذها حماسها الي المراهنة على أسقاط النظام التقدمي من خلال الدخول معه في مجابهة شاملة سريعه بدون أي ابطاء.وهذا هو الرأى الذي ساد فيما بعد.*
وفي الوقت نفسه انتشرت تنظيرات (اليسار الجديد) في المنطقة العربية، والقائلة بأن الظروف مهيأة لخوض نضال عنيف ضد القوى المعادية، وأن الجزيرة العربية مؤهلة لأن تصبح فيتنام جديدة متى بادرت المنظمات (اليساريه الجديده)وخاصه الخارجه من حركة القومين العرب لاستخدام العنف المسلح، وان القوى المعاديه ضعيفه وستسقط بسهوله.
*وفي هذه الملابسات بدأت بعض العناصر القيادية تدفع مناضلي الحزب للقيام بعمليات مسلحة في المناطق الريفية المتأخمه للاطراف، كمقدمه لتنفيذ الخطاء الذي وقع فيه المؤتمر التأسيسي والمؤتمر الاستثنائي الاول بأعتماد حرب التحرير الشعبية استراتيجية للوصول الي السلطة، بطريقة فكرية تجريدية لا تاخذ الظروف الملموسه في الزمن المحدد.*
*وكانت حرب 26سبتمبر72م، التي شنها النظام الرجعي في الشمال بدعم من الرجعيه السعوديه والامبريالية الامريكية ضد النظام الوطني الديمقراطي في الجنوب هي الذروة التي وصلت اليها الحمله المحمومه ضد هذا النظام، وهي الدليل الفعلي على سيادة رأى القوى الأكثر تطرفا في السلطة في صنعاء. لكن الحرب قد فشلت بتظافر عدة عوامل أهمها:-*
1-صمود النظام التقدمي في الجنوب والتحامه بالجماهير في معركة الدفاع عن الثورة وعن النظام الجديد.
2-التحرك السياسي الواسع التي قامت به الحركة الوطنيه الديمقراطيه في الشمال رافعة شعار رفض الاقتتال بين اليمنيين.
3-العمليات المسلحة التي شنها مقاتلوا منظمة جيش الشعب الثوري ومنظمة المقاومين الثوريين ضد الحملات العسكرية القادمه من الشمال وخطوط امدادها.
4-الدور الي لعبه رفاقنا داخل الجيش في الشمال وخاصه العمل على اقناع الجنود بأن هذه الحرب لايستفيد منها الا أعداء الشعب اليمني مما قاد الي رفض جماهير واسعه من الجنود والضباط لهذه الحرب، وبالتالي هبوط معنوياتها تحت ضغط شعورها بأنها قاتلت من اجل حماية ثورة سبتمبر من اعتداءات ومؤامرات الرجعيه السعودية والامبريالية العالميه،وانها الان تقاتل تحت راية نفس القوى التي قاتلت ضدها منذ سبتمبر62م.
5-رفض جماهير واسعه من المواطنين لهذه الحرب وشعورهم بأنها حرب عدوانية تشنها قوى الارتزاق والعماله مدفوعة من اعداء الشعب اليمني الذين اقتطعوا جزءا من ارضه عام1934م، وعملوا على منعه من التحرر من ظالميه ومستغلية في48م و55م وشنوا ضده بعد ثورة سبتمبر حرباضروسا لازال يعاني منها الأمرين.
*وفي ظل تلك الاوضاع السياسيه انعقد المؤتمر الاستثنائي الثاني للحزب في 2ديسمبر72م والتي ضلت قواعد الحزب تنتظر نتائجه بقلق، وتتوقع ان يقف بجديه أمام المعضلات الكفاحية التي تنتصب أمام الحزب وخاصه امام أزمته، والخروج بالحلول الصحيحه والمبدئيه لها، وبالرغم من الفترة الزمنيه الطويله لانعقاده، فقد خرج بوثيقتين فقط هما التعميم الداخلي والبيان العلني الصادرين عن المؤتمر.وقد شملتا قضايا وقرارات عديده أتسمت بطابع سلبي اكثر منها ايجابي.وكان يفترض ان تكون أولى مهمات المؤتمر عند تحليل الازمة الداخليه للحزب، وازمة الحركه الوطنيه الديمقراطيه، أن يبرز بشكل واضح مظاهر تلك الازمة أيديولوجيا وتنظيميا وسياسيا. بالرغم من أيجابية بعض أطروحات وقرارات المؤتمر كالتاكيد على استبعاد الكتب التحريفيه الترتسكيه (وكتابات جارودي وفانون) من مصادر التثقيف في الحزب وتلمسه بعض الجوانب النضاليه لازمة الحركه الوطنيه الديمقراطيه، فأنه لم يخرج بأطروحات وقرارات صحيحه واضحه وملزمه تلامس بعض جوهر ازمة الحزب.يدلل على ذلك.:-*
1-لم يقر المؤتمر أية وثيقة من المداخلات الثلاث والتي كان اهم استنتاجاتها ضرورة ممارسة الكفاح المسلح للخروج من أزمة الحزب، وأن اختلفت فيما يتعلق بقضايا الاعداد والكيفيه والتوقيت.
2-لم يخرج بأهم وثيقه تحدد مسيرة الحزب الكفاحيه:البرنامج السياسي.
3-لم يخرج المؤتمر بنظام داخلي للحزب، وأنما أحاله الي اللجنه المركزيه للنظر فيه.
4-أقر المؤتمر بشكل غير علمي بوجود عناصر يمينيه وتيار يساري نامي في الحزب وأغفل سيادة الاتجاه اليساري المغامر فيه.
5-أخطاء المؤتمر بأنتخاب أعضاء في اللجنه المركزيه لايعدون أعضاء في الحزب وفقا لأحكام النظام الداخلي، ولاتربطهم بالحزب أية صلة، عداء العواطف.
6-غياب التحديد الصحيح لمواقف الحزب أزاء جملة من القضايا النظرية لحزب يلتزم بالفكر الاشتراكي العلمي. فقد حدد بشكل خاطي طابع العصر الراهن وبشكل غامض قوى الثورة العالمية، كما أتخذ موقفا انتهازيا من الخلافات في الحركة الشيوعيه والعماليه العالميه.
*وكانت من أهم مهمات المؤتمر تحليل طابع المرحله وقواها، وتحليل الوضع السياسي القائم أنذاك، وتحديد مهام ومواقف الحزب.*
*لقد كانت الظروف العامه تتطلب أن يتخذ الحزب أما منفردا أو بالتظافر مع القوى الوطنيه الديمقراطيه موقفا أزاء الهجمه الرجعيه الامبريالية ضد النظام التقدمي في الجنوب وردا على القمع الهمجي الموجه ضد الحركه الوطنيه الديمقراطيه في الشمال وضد الحزب خاصه، وكانت السياسة القمعية للسلطه وانعدام ابسط الحريات الديمقراطيه تدفع الحزب بأتجاه الحماس لخوض الكفاح المسلح. الا ان العمليات المسلحه التي مورست في تلك الفترة لم ينظر لها كعمل تكتيكي يقتضيه الظرف التاريخي الملموس انذاك، تقرر القياده خوضه وتحدد له أهداف تكتيكيه معينه تتناسب وطبيعة الظرف الموضوعي القائم، وتوازن القوى يمنيا وعربيا وعالميا، بل تحمس الاتجاه اليساري المغامر لمارسة الكفاح المسلح كأستراتيجيه للثورة في مرحلتها الراهنه يقرها مؤتمر للحزب وبالتالي يوجه كل امكانياته وقواه لخوضها تنفيذا لقرار المؤتمر الملزم للجميع بصرف النظر عن الاوضاع السياسيه في المنطقه وتبدلاتها وتعقيداتها.*
*كانت تلك هي النتائج التي خرج بها المؤتمر الاستثنائي الثاني والتي قادت الي دفع الحزب لقواه في معركة غير مدروسة، وقادت الي معالجة الاخطاء بالاخطاء وحسم قضايا النضال بنوع من التسرع والارتجالية، مما أدى الي الاضرار بالحركة الجماهيرية والعودة بمسيرتها خطوات الي الخلف، وشغلت الحزب لسنوات في ترميم أوضاعه واستعادة أنفاسه.*
*لقد كان لفشل حرب26سبتمبر 72م في تحقيق المطامح والاهداف التي حددت لها، أثر بالغ في تعميق أزمة النظام الاقطاعي في الشمال واستفحال التعارضات الكامنة بين الاجنحة المختلفة في السلطة السياسية.وقد أدى هذا الفشل الي توقيع اتفاقية القاهرة في 28 اكتوبر72م، وفيمابعد بيان طرابلس. ورغم ان المؤتمر الاستثنائي الثاني للحزب قد انعقد بعد توقيع أتفاقية القاهرة، فأن المؤتمر لم يستطيع التقاط ذلك الظرف السياسي بشكل صحيح وناضج، بل عمد الي تفسير الاتفاقيه بطريقة ذاتية تعكس التفكير اليساري المغامر السائد انذاك.يؤكد ذلك القرار المتناقض حول اتفاقية الوحدة الصادر عن المؤتمر.كما أن اللجنه المركزية لم تقف أمام بياني طرابلس والجزائر وتتخذ التكتيكات المناسبه ازائهما مما جعلها في ممارساتها بعيدة عن التقاط الظرف السياسي والتعامل معه بجدية.ولقد أدى تجاهل قيادة الحزب للضرورات التي يقتضيها الاتجاه نحو الهدنة وأيقاف الحرب بين الشطرين، وبفعل التأثير غير المباشر لتيار اليسار الانتهازي المغامر في الجبهة القوميه، الي الاستمرارفي خوض معارك خاسرة في ظل غياب الامكانيات السياسيه والعسكريه.وفي هذه الظروف تمكنت السلطة في الشمال من توجيه ضربات قاسيه ودموية للحركه الوطنيه في الشمال والحزب بشكل خاص. وكانت النتيجة لهذا الموقف السياسي الخاطئ العاجز عن ادراك حقائق الواقع، أن فقد الحزب العديد من مناضليه الذين سقطوا ضحايا الارهاب الهمجي للسلطة في الشمال، كما فقد العديد من مواقعه في المدينة وخاصه في المؤسسات ذات التأثير القوي على افاق نضالات الحزب والحركه الوطنيه الديمقراطيه اليمنية عموما. ورغم ذلك تمكن الحزب أثنا الكفاح المسلح من توسيع تواجده في بعض المناطق الريفية او دخول مناطق جديدة، وتشكيل منظمة عسكريه يمكن تطويرها وجعلها خاضعه للحزب وبالتالي استخدامها وفقا لمتطلبات النضال.كماكان من نتائج العمليات المسلحه الحد من الاستغلال الاقطاعي للفلاحين في بعض المناطق كتخفيض ايجارات الارض، والحد من هيمنة القوى الاقطاعيه على الفلاحين.*
*وحين نتعرض لتقييم تجربة الكفاح المسلح في72-73م فأننا لانقصد اطلاقا ادانة رفاقنا الذين اخذوا يحملون السلاح، او مصادرة تضحياتهم ونضالاتهم التي وصلت حد بذل النفس والتضحيه بها، فتلك أمجادنا ومفاخرنا، ومفاخرتاريخ شعبنا ومشعل يضئ لنا طريق النضال من اجل انعتاق شعبنا من ربقة الاستغلال والتخلف وصولا الي بنا يمن ديمقراطي موحد وسعيد. ولكننا نقوم بتقييم اتجاه فكري وسياسي خاطئ، قاد الي الاضرار بالحزب، من خلال الخلط بين القضايا الاستراتيجية والتكتيكيه، ورفع قضايا التكتيك الي مستوى الاستراتيجية، وزج المؤتمر في القضايا التفصيلية التي هي من صلب عمل القيادة وأهمال النضال المطلبي والتحريضي السياسي والايديولوجي.*
يتبع4
--------------
*الوثيقة النقديه امام تجربة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني.*
المقره في مؤتمره الاخير اواخر78م.
--------------
عرض/عبدالجليل عثمان الاكحلي.
--------------
7-3
*الحزب من الجمود الي اليسار المغامر71-73م.*
--------
لم يكن من الغريب أن تستفحل أزمة الحزب في هذه الفترة التي تفجرت فيها خلافات على اكثر من مستوى داخل الحزب، أهمها الخلافات الحاده في اللجنه المركزيه وأمانتها العامه.فقد برز تناقض حاد بين النظريه التي تمثلت في قرارات المؤتمر الاستثنائي الاول وظروف الواقع الملموس الذي اثبتت خطاء تلك المنطلقات النظريه.فلقد كان من المفروض أن تكون أولى مهمات القيادة التي انتخبها المؤتمر الاعداد لحرب التحرير الشعبيه، واعداد الحزب لها والمباشرة في ممارستها لكن هذه القياده قد عجزت عن تحقيق المهام التي حددها المؤتمر بسبب قصورها الذاتي، واصطدامها بالواقع الملموس الرافض للتشكل وفقا للرغبات الذاتيه.
*وفي هذا الوقت كان تيار اليسار الانتهازي المغامر في التنظيم والسلطه في الشطر الجنوبي من الوطن والذي ضرب في 26يونيو78م قد أخذ يلعب دورا بارزا ويقوم بأجراءات سياسية واقتصاديه واجتماعيه تتميز بالفوضويه والقفز فوق الواقع وحرق المراحل، مما أدى الي الاضرار بمصالح الطبقات الحليفة كالفلاحين والبرجوازيه الصغيرة، وتشويه سمعة النظام التقدمي خارجيا.وقدعكس هذا النهج نفسه على الحزب، وقيادتة بشكل خاص في ظل انتشار الافكار اليسارية المغامرة في الحزب وضعف الاتجاه الاشتراكي العلمي فيه وقساوة أوضاعة الداخلية وصعوبة ظروف المرحلة وتحولها الي اتجاه عام ساد فيه تجلى في ممارسات الحزب النضالية. ففي أوائل السبعينات تم دفع العديد من كوادر ومناضلي الحزب للقيام بعمليات مسلحة قبل اتخاذ قرار البدء فيها من قبل اللجنه المركزية. وفي اجتماع اغسطس72م للجنه المركزية اتخذ العديد من القرارات بالاغلبية، كان أهمها أقرار المجابهة المسلحة وتشكيل منظمة جيش الشعب الثورري* كجناح عسكري للحزب *والدعوة لأقامة جبهة وطنية على أساس الكفاح المسلح.* ومن ناحية اخرى أقر في هذا الاجتماع التحضير لعقد مؤتمر عام يقف أمام أزمة الحزب بمختلف مظاهرها ويستجيب لمتطلبات الثورة في مرحلتها الراهنة. وقد *حددت اللجنه المركزيه في هذا الاجتماع موضوعات المؤتمر على النحو التالي:-*
1-تقرير اللجنه المركزية.
2-التحليل السياسي.
3-البرنامج السياسي للحزب.
4-تعديلات على النظام الداخلي.
5-م البرنامج السياسي للجبهه الوطنية.
6-م النظام الداخلي للجبهه الوطنيه.
7-دراسة عن اوضاع الحزب.
وحدد في هذا الاجتماع ايضا طريقة أختيار المندوبين الي المؤتمر على أساس الانتخاب في المدن والتعيين في الارياف.
*ولكن سيادة الاتجاه اليساري المغامر في الحزب قد حال دون تنفيذ تلك القرارات الهامة.ولم تتم عملية التحضير للمؤتمر*
وفيما بعد فوجى الجميع بتحديد زمان ومكان المؤتمر قبل أنجاز كتابة الوثائق وانزالها للمناقشة في منظمات الحزب بالمحافظات، ولم تقدم تلك الوثائق حتى الى المؤتمرنفسه، بل قدمت ثلاث مداخلات شخصية لاتمت بصلة الي قرارات اللجنه المركزية. ولم تنتخب بعض منظمات الحزب مندوبيها الي المؤتمر بالطريقة التي حددتها ل .م .
كمالم تتولى التحضير للمؤتمر أية جهة محددة لا اللجنه المركزية ولا لجنه مختاره لهذا الغرض.
*وتوترت الاجواء السياسية في منتصف فبراير72م على أثر مقتل الغادر، حيث أستغلت قوى الاقطاع هذا الحادث لتوتير الاجواء، وعملت القوى الرجعية والامبرياليه على دفع الشمال باتجاه المواجهة مع الجنوب، مقدرة ان الحرب اذا لم تستطيع ان تقضي على النظام التقدمي في الجنوب فهي ستضعفه حتما وستشغله عن تنفيذ خططه وتثبيت اركان تجربته، وأن أجواء الحرب هي الظرف الملائم لتصفية الحركة الوطنية في الشمال والتي تشكل بتحالفها مع الثورة في الجنوب مصدر تهديد للمخططات الامبريالية والرجعية في المنطقة، ولذلك شنت السلطة الرجعية في الشمال حملة اعتقالات وأرهاب واسعة استهدفت الحركه الوطنيه الديمقراطية في الشمال، وخاصة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني..وفرضت حالة من الحصار الاعلامي زالاقتصادي ضد النظام التقدمي في الجنوب.وكانت بعض قوى السلطة ترى الاكتفاء في البداية بالحصار الاعلامي والاقتصادي وتنظيم عمليات التخريب المسلحة من الخارج وترتيب عمليات مدروسة للتخريب الاقتصادي والاداري من الداخل، ومواصلة حملة الارهاب والملاحقة ضد اليسار في الشمال، حتى يسقط النظام أو يصبح عرضة للسقوط بسهولة من جراء ضربه سريعه لاتكلف وقتا،ولاتحتاج الي تضحيات كبيرة. الا أن القوى الرجعية المتطرفة قد أخذها حماسها الي المراهنة على أسقاط النظام التقدمي من خلال الدخول معه في مجابهة شاملة سريعه بدون أي ابطاء.وهذا هو الرأى الذي ساد فيما بعد.*
وفي الوقت نفسه انتشرت تنظيرات (اليسار الجديد) في المنطقة العربية، والقائلة بأن الظروف مهيأة لخوض نضال عنيف ضد القوى المعادية، وأن الجزيرة العربية مؤهلة لأن تصبح فيتنام جديدة متى بادرت المنظمات (اليساريه الجديده)وخاصه الخارجه من حركة القومين العرب لاستخدام العنف المسلح، وان القوى المعاديه ضعيفه وستسقط بسهوله.
*وفي هذه الملابسات بدأت بعض العناصر القيادية تدفع مناضلي الحزب للقيام بعمليات مسلحة في المناطق الريفية المتأخمه للاطراف، كمقدمه لتنفيذ الخطاء الذي وقع فيه المؤتمر التأسيسي والمؤتمر الاستثنائي الاول بأعتماد حرب التحرير الشعبية استراتيجية للوصول الي السلطة، بطريقة فكرية تجريدية لا تاخذ الظروف الملموسه في الزمن المحدد.*
*وكانت حرب 26سبتمبر72م، التي شنها النظام الرجعي في الشمال بدعم من الرجعيه السعوديه والامبريالية الامريكية ضد النظام الوطني الديمقراطي في الجنوب هي الذروة التي وصلت اليها الحمله المحمومه ضد هذا النظام، وهي الدليل الفعلي على سيادة رأى القوى الأكثر تطرفا في السلطة في صنعاء. لكن الحرب قد فشلت بتظافر عدة عوامل أهمها:-*
1-صمود النظام التقدمي في الجنوب والتحامه بالجماهير في معركة الدفاع عن الثورة وعن النظام الجديد.
2-التحرك السياسي الواسع التي قامت به الحركة الوطنيه الديمقراطيه في الشمال رافعة شعار رفض الاقتتال بين اليمنيين.
3-العمليات المسلحة التي شنها مقاتلوا منظمة جيش الشعب الثوري ومنظمة المقاومين الثوريين ضد الحملات العسكرية القادمه من الشمال وخطوط امدادها.
4-الدور الي لعبه رفاقنا داخل الجيش في الشمال وخاصه العمل على اقناع الجنود بأن هذه الحرب لايستفيد منها الا أعداء الشعب اليمني مما قاد الي رفض جماهير واسعه من الجنود والضباط لهذه الحرب، وبالتالي هبوط معنوياتها تحت ضغط شعورها بأنها قاتلت من اجل حماية ثورة سبتمبر من اعتداءات ومؤامرات الرجعيه السعودية والامبريالية العالميه،وانها الان تقاتل تحت راية نفس القوى التي قاتلت ضدها منذ سبتمبر62م.
5-رفض جماهير واسعه من المواطنين لهذه الحرب وشعورهم بأنها حرب عدوانية تشنها قوى الارتزاق والعماله مدفوعة من اعداء الشعب اليمني الذين اقتطعوا جزءا من ارضه عام1934م، وعملوا على منعه من التحرر من ظالميه ومستغلية في48م و55م وشنوا ضده بعد ثورة سبتمبر حرباضروسا لازال يعاني منها الأمرين.
*وفي ظل تلك الاوضاع السياسيه انعقد المؤتمر الاستثنائي الثاني للحزب في 2ديسمبر72م والتي ضلت قواعد الحزب تنتظر نتائجه بقلق، وتتوقع ان يقف بجديه أمام المعضلات الكفاحية التي تنتصب أمام الحزب وخاصه امام أزمته، والخروج بالحلول الصحيحه والمبدئيه لها، وبالرغم من الفترة الزمنيه الطويله لانعقاده، فقد خرج بوثيقتين فقط هما التعميم الداخلي والبيان العلني الصادرين عن المؤتمر.وقد شملتا قضايا وقرارات عديده أتسمت بطابع سلبي اكثر منها ايجابي.وكان يفترض ان تكون أولى مهمات المؤتمر عند تحليل الازمة الداخليه للحزب، وازمة الحركه الوطنيه الديمقراطيه، أن يبرز بشكل واضح مظاهر تلك الازمة أيديولوجيا وتنظيميا وسياسيا. بالرغم من أيجابية بعض أطروحات وقرارات المؤتمر كالتاكيد على استبعاد الكتب التحريفيه الترتسكيه (وكتابات جارودي وفانون) من مصادر التثقيف في الحزب وتلمسه بعض الجوانب النضاليه لازمة الحركه الوطنيه الديمقراطيه، فأنه لم يخرج بأطروحات وقرارات صحيحه واضحه وملزمه تلامس بعض جوهر ازمة الحزب.يدلل على ذلك.:-*
1-لم يقر المؤتمر أية وثيقة من المداخلات الثلاث والتي كان اهم استنتاجاتها ضرورة ممارسة الكفاح المسلح للخروج من أزمة الحزب، وأن اختلفت فيما يتعلق بقضايا الاعداد والكيفيه والتوقيت.
2-لم يخرج بأهم وثيقه تحدد مسيرة الحزب الكفاحيه:البرنامج السياسي.
3-لم يخرج المؤتمر بنظام داخلي للحزب، وأنما أحاله الي اللجنه المركزيه للنظر فيه.
4-أقر المؤتمر بشكل غير علمي بوجود عناصر يمينيه وتيار يساري نامي في الحزب وأغفل سيادة الاتجاه اليساري المغامر فيه.
5-أخطاء المؤتمر بأنتخاب أعضاء في اللجنه المركزيه لايعدون أعضاء في الحزب وفقا لأحكام النظام الداخلي، ولاتربطهم بالحزب أية صلة، عداء العواطف.
6-غياب التحديد الصحيح لمواقف الحزب أزاء جملة من القضايا النظرية لحزب يلتزم بالفكر الاشتراكي العلمي. فقد حدد بشكل خاطي طابع العصر الراهن وبشكل غامض قوى الثورة العالمية، كما أتخذ موقفا انتهازيا من الخلافات في الحركة الشيوعيه والعماليه العالميه.
*وكانت من أهم مهمات المؤتمر تحليل طابع المرحله وقواها، وتحليل الوضع السياسي القائم أنذاك، وتحديد مهام ومواقف الحزب.*
*لقد كانت الظروف العامه تتطلب أن يتخذ الحزب أما منفردا أو بالتظافر مع القوى الوطنيه الديمقراطيه موقفا أزاء الهجمه الرجعيه الامبريالية ضد النظام التقدمي في الجنوب وردا على القمع الهمجي الموجه ضد الحركه الوطنيه الديمقراطيه في الشمال وضد الحزب خاصه، وكانت السياسة القمعية للسلطه وانعدام ابسط الحريات الديمقراطيه تدفع الحزب بأتجاه الحماس لخوض الكفاح المسلح. الا ان العمليات المسلحه التي مورست في تلك الفترة لم ينظر لها كعمل تكتيكي يقتضيه الظرف التاريخي الملموس انذاك، تقرر القياده خوضه وتحدد له أهداف تكتيكيه معينه تتناسب وطبيعة الظرف الموضوعي القائم، وتوازن القوى يمنيا وعربيا وعالميا، بل تحمس الاتجاه اليساري المغامر لمارسة الكفاح المسلح كأستراتيجيه للثورة في مرحلتها الراهنه يقرها مؤتمر للحزب وبالتالي يوجه كل امكانياته وقواه لخوضها تنفيذا لقرار المؤتمر الملزم للجميع بصرف النظر عن الاوضاع السياسيه في المنطقه وتبدلاتها وتعقيداتها.*
*كانت تلك هي النتائج التي خرج بها المؤتمر الاستثنائي الثاني والتي قادت الي دفع الحزب لقواه في معركة غير مدروسة، وقادت الي معالجة الاخطاء بالاخطاء وحسم قضايا النضال بنوع من التسرع والارتجالية، مما أدى الي الاضرار بالحركة الجماهيرية والعودة بمسيرتها خطوات الي الخلف، وشغلت الحزب لسنوات في ترميم أوضاعه واستعادة أنفاسه.*
*لقد كان لفشل حرب26سبتمبر 72م في تحقيق المطامح والاهداف التي حددت لها، أثر بالغ في تعميق أزمة النظام الاقطاعي في الشمال واستفحال التعارضات الكامنة بين الاجنحة المختلفة في السلطة السياسية.وقد أدى هذا الفشل الي توقيع اتفاقية القاهرة في 28 اكتوبر72م، وفيمابعد بيان طرابلس. ورغم ان المؤتمر الاستثنائي الثاني للحزب قد انعقد بعد توقيع أتفاقية القاهرة، فأن المؤتمر لم يستطيع التقاط ذلك الظرف السياسي بشكل صحيح وناضج، بل عمد الي تفسير الاتفاقيه بطريقة ذاتية تعكس التفكير اليساري المغامر السائد انذاك.يؤكد ذلك القرار المتناقض حول اتفاقية الوحدة الصادر عن المؤتمر.كما أن اللجنه المركزية لم تقف أمام بياني طرابلس والجزائر وتتخذ التكتيكات المناسبه ازائهما مما جعلها في ممارساتها بعيدة عن التقاط الظرف السياسي والتعامل معه بجدية.ولقد أدى تجاهل قيادة الحزب للضرورات التي يقتضيها الاتجاه نحو الهدنة وأيقاف الحرب بين الشطرين، وبفعل التأثير غير المباشر لتيار اليسار الانتهازي المغامر في الجبهة القوميه، الي الاستمرارفي خوض معارك خاسرة في ظل غياب الامكانيات السياسيه والعسكريه.وفي هذه الظروف تمكنت السلطة في الشمال من توجيه ضربات قاسيه ودموية للحركه الوطنيه في الشمال والحزب بشكل خاص. وكانت النتيجة لهذا الموقف السياسي الخاطئ العاجز عن ادراك حقائق الواقع، أن فقد الحزب العديد من مناضليه الذين سقطوا ضحايا الارهاب الهمجي للسلطة في الشمال، كما فقد العديد من مواقعه في المدينة وخاصه في المؤسسات ذات التأثير القوي على افاق نضالات الحزب والحركه الوطنيه الديمقراطيه اليمنية عموما. ورغم ذلك تمكن الحزب أثنا الكفاح المسلح من توسيع تواجده في بعض المناطق الريفية او دخول مناطق جديدة، وتشكيل منظمة عسكريه يمكن تطويرها وجعلها خاضعه للحزب وبالتالي استخدامها وفقا لمتطلبات النضال.كماكان من نتائج العمليات المسلحه الحد من الاستغلال الاقطاعي للفلاحين في بعض المناطق كتخفيض ايجارات الارض، والحد من هيمنة القوى الاقطاعيه على الفلاحين.*
*وحين نتعرض لتقييم تجربة الكفاح المسلح في72-73م فأننا لانقصد اطلاقا ادانة رفاقنا الذين اخذوا يحملون السلاح، او مصادرة تضحياتهم ونضالاتهم التي وصلت حد بذل النفس والتضحيه بها، فتلك أمجادنا ومفاخرنا، ومفاخرتاريخ شعبنا ومشعل يضئ لنا طريق النضال من اجل انعتاق شعبنا من ربقة الاستغلال والتخلف وصولا الي بنا يمن ديمقراطي موحد وسعيد. ولكننا نقوم بتقييم اتجاه فكري وسياسي خاطئ، قاد الي الاضرار بالحزب، من خلال الخلط بين القضايا الاستراتيجية والتكتيكيه، ورفع قضايا التكتيك الي مستوى الاستراتيجية، وزج المؤتمر في القضايا التفصيلية التي هي من صلب عمل القيادة وأهمال النضال المطلبي والتحريضي السياسي والايديولوجي.*
يتبع4