تاريخ الحركة الوطنية 5- 1
من تاريخ الحركة الوطنية الديمقراطية
--------------
---------------
*الوثيقة النقدية أمام تجربة الحزب الديمقراطي الثوري اليمني.*
المقره في مؤتمره الاخير1978م.
----------؛----
عرض/ عبدالجليل عثمان الاكحلي.
5-1
------------
في اطار الحوار لتوحيد فصائل اليسار الخمس في الشطر الشمالي من الوطن الذي استغرق حوالى سبع سنوات تم الاتفاق في 78م على عقد مؤتمرات تلك الفصائل كلا على حدى لتقييم تجربتهاالماضيه، *والسير نحو انجاز المهام التي سيقوم بها الحزب الموحد (حزب الوحدة الشعبية اليمني) في اطار توحيد اداة الثورة اليمنية في حزب واحد هو الحزب الاشتراكي اليمني.*
واستخلاص الدروس والعبر التي مرت بها واكتشاف مدى القدرة على التعامل مع الواقع برؤية عميقة، ورسم خط السير الصحيح في المستقبل من خلال ممارسة نضالية واعية ومدركة لتعقيدات الواقع وكيفية التعامل معه بنضج في سبيل تغييره.
*جاءات هذه الوقفة التي بين ايدينا من مؤتمر (حدثي) استجابة للطلب الملح لتوحيد فصائل اليسار في (ج.ع.ي) وهي مهمة لرصد أهم المنعطفات في تجربة الحزب.*
*الخلفية*
--------------
# تؤكد وثائق الحزب ان حركة القومين العرب كانت تنظيما برجوازيا تشبع منذنشأته بالفكر القومي الشوفيني كرد فعل لهزيمة 1948م وتشريد مئات الالاف من الفلسطينين الي البلدان المجاورة، وبهذا الجو الملتهب بقضية العودة والثأر.أعتبرت حركة القوميين العرب ان المهمة المركزية لها من حيث الاهمية هي اعداد كل العرب وحشدهم في معركة العودة الي فلسطين وتحتل المرتبة الاولى، وتأتي المطالب الخاصة بالنضال الوطني في كل قطر عربي في المرتبة الثانية.
*وشكل هذا خلفية التناقض بين مركز الحركة وفروعها في الوطن العربي والذي كان واحدا من العوامل التي ادت الي انفصال فرع الحركة في الشمال اليمني، وتكوين الحزب الديمقراطي الثوري اليمني في يوليو1968م.*
*كما اصطدمت الحركة بمجموعة من العوامل الجديدة فعجزت عن حلها بحكم تركيبها الطبقي البرجوازي ورؤيتها الايديولوجية، وعدم ادراكها لطابع العصر في انتقال البشرية من الراسمالية الي الاشتراكية، وانتشار افكار الاشتراكية العلمية، ودحر النازية والفاشية وبروز المنظومة الاشتراكية واشتداد نضال الطبقة العاملة في البلدان الراسمالية وانهيار النظام الاستعماري، وازمة النظام الراسمالي العالمي.*
*لقد أدي انتشار افكار الماركسية اللينينية في اوساط حركة القومين العرب، رغم عدائها التقليدي للشيوعية، الي بروز تيارات متصارعة فيها وبالرغم من الاقتراب من الاشتراكية العلمية داخلها فقد شكل خطوة متقدمة، الا انه قد ادي الي انتشار افكار تحريفية معادية للماركسية (تروتسكية، ماويه، يسار جديد).* *وقاد هذا بدوره الي التذبذب والتخبط في النظرية والممارسة.*
*لقدوجد مناضلوا الحركة انفسهم امام اوضاع وتطورات محلية وعربية وعالمية لاتتناولها ادبيات الحركة مركزيا الا بالعموميات، فحاولوا فهم تلك التطورات، ووجدوا انفسهم فكريا مضطرين الي توسيع اطلاعهم.بعد تحطيم حواجز العزلة التي كانت من ثمار ثورة26سبتمبر الخالده، كما اكتسبت بعض حركة التحرر العربية مضامين فكرية متقدمة، ومواقف دعم المنظومة الاشتراكية خاصة الاتحاد السوفيتي لثورة سبتمبر، وجاذبية الفكر الاشتراكي العلمي، وتناقض توجيهات الحركة مركزيا للاحزاب والتجمعات الاخرى وحاجة الفرع لنسج العلاقات مع اطراف الحركة الوطنية للنضال المشترك معها، والحاجة الي أطر تنظيمية مرنه وقرارات سريعة، كل ذلك قد فتح افاق أمام فرع الحركة باليمن وبرزت خلافات مع الحركة مركزيا في بيروت من عام1964م عقب مؤتمرها في ذلك العام.*
*لقد توجه فرع الحركة منذ البداية نحو العمل الجماهيري وسط العمال والمثقفين والطلبة،واهتم بتوسيع التنظيم في صفوف الفئات الجديدة التي نمت بعد الثورة وعمل على تأطيرها في منظمات نقابيه عمالية وطلابيه ونوادي ثقافيه.*
*وتميزت مسيرة الفرع بالنضال من أجل تفجير وتثبيت ثورة سبتمبروتطوير منجزاتها والمشاركة في دعم الثورة المسلحة في الجنوب بقيادة الجبهة القومية، وبمواقفه الحازمة ازاء المعارضة الجمهورية التي عبرت عن طموحاتها من خلال مؤتمرات (عمران، خمر، الجند، أركويت)والتقى مع الناصرية في بداية الأمر لكنه اصطدم بممارسة البيروقراطية العسكرية المصرية واستخباراتها.وكان مضمون الثورة في جنوب الوطن وقيادتها قضية جوهريه في الخلاف التي نشأت بين الفرع والاجهزة المصرية في اليمن، ومن ثم مع التيار الناصري.فكان للفرع موقف نقدي ازاء محاولات الاجهزة المصرية نشر العداء للحزبية وتقييد الحريات الديمقراطية للجماهير، كما عارض الفرع أية تسويه مفروضة من الخارج على حساب مكاسب الشعب وتجسد ذلك بمواقفه الصلبة ازاء مؤتمر حرض عام1965م من خلال التنظيم الشعبي للقوى الوطنيه، وموقفه من اتفاقية الخرطوم وقيادته للهبة الشعبية في الثالث من اكتوبر1967م ضد لجنة السلام المشكلة وفقا لهذه الاتفاقيه.وكان موقف الفرع من سلطة انقلاب الخامس من نوفمبر67م الرجعي الاقطاعي منسجما مع مواقفه السابقه من المعارضه الجمهوريه.*
*الا ان فرع الحركة بحكم بنيته الطبقية البرجوازية الصغيرة، وبحكم ايديولوجيته القومية قد وقع في احابيل التلقائيه والعفويه، وتميزت مواقفه بغياب الفهم العميق لطبيعة الواقع والصراعات المعتمله فيه*.
*تجسد ذلك في غياب الاستراتيجية الواضحه التي تحدد الهدف الاخير لنضاله، وغياب التحليل الصحيح لطابع المرحلة وقواها وطبيعة ثورة 26سبتمبر وقواها*.ويكفي أن فرع الحركة حتى حله وتاسيس الحزب الديمقراطي الثوري اليمني ظل يقيم ثورة سبتمبر كحركة انقلابيه مجرده دون ان يتعمق في تحليل القوى المتناقضه الفاعله فيها والمؤثرة في مسيرتها والتغيرات اللاحقه لقيامها ومغازيها الوطنيه والقوميه والعالميه.
*بعد انسحاب القوات المصريه من الشطر الشمالي من الوطن في أواخر عام1967م ساهم الفرع في أيجاد تحالف بين فصائل الحركة الوطنية لمواجهة الهجمة الامبرياليه الرجعيه ضد الجمهورية، ولعب فرع حركة القومين العرب دورا رئيسيا في تشكيل مقاومة شعبية تحمل السلاح دفاعا عن ثورة سبتمبر ونظامها الجمهوري.* ولقد كانت المقاومه الشعبيه تجربة فريدة في التاريخ الكفاحي لشعبنا *حيث تصدت الجماهير المنظمة، بقيادة تحالف القوى الوطنيه والتقدميه، لأخطر هجمه رجعيه امبرياليه ضد ثورة سبتمبر المجيدة وشكلت نواة سلطة شعبية تقدميه بالتضافر مع الوجود الوطني التقدمي في مؤسسات الدوله العسكريه والمدنيه.وفي معمعان النضال لصد تلك الهجمة وكسر طوق الحصار حول صنعاء الذي استمر سبعين يوما، تفجرت طاقات الجماهير في المدن والارياف في ضل الحريات الديمقراطيه الناتجه عن ضعف اجهزة الدوله وعجزها عن الدفاع عن النظام، وتصدت الحركة الوطنية، وبالذات فرع الحركة لقيادة الجماهير المنضوية في المقاومة الشعبية والمنظمات الجماهيريه الاخرى.وانتشرت في هذا المناخ افكار الاشتراكية بمختلف تياراتها ومشاربها.وفي هذا الجو الملتهب كان من المنطقي أن تلقى الافكار اليساريه المغامرة قبولا واسعا.*
*لقد كان حصار السبعين يوما امتحانا صعبا في حياة فرع الحركة والقوى الوطنية الناميه عموما.فرغم ان العدوان الرجعي الامبريالي المسلح الذي استهدف اعادة النظام الملكي قد فشل امام صمود الجماهير بقيادة قولها الوطنيه والتقدميه، والتضحيات الجسام التي قدمتها في ميدان الدفاع عن مكاسب الثورة، الا ان القوى الوطنيه ومنها فرع الحركة بالذات لم تحسن الاستفادة من ذلك الانتصار للدفع بمسيرة الحركة الوطنيه الي الامام.فقد تحقق ذلك الانتصارفي ضل بقاء العدو الداخلي المتمثل في تحالف الاقطاع والكمبرادور في السلطه.وكان انتصار السبعين قد أدى الي هزيمة تلك القوى معنويا، والي ضعف مواقعها السياسيه والعسكريه، وكان الوضع العام يطرح امام الحركه الوطنيه مهمة مباشرة تتمثل في تشكيل حكومة وطنيه والسير نحو بناء السلطة الوطنيه الديمقراطيه. الا ان هذا لم يحدث بسبب قصور فرع الحركه نظريا وسياسيا، وغياب التحالف الواسع الواضح الاهداف بين الاحزاب والتجمعات والشخصيات الوطنيه والتقدميه.فقد كان فرع الحركه في تلك الفترة في مركز قوي، نظرا لسيطرته على المؤسسات الجماهيريه.ونفوذه القوي في المقاومة الشعبيه والجيش.وكان بأمكانه ان يحسم الصراع لصالح الحركة الوطنيه، في ضل وجود سلطتين:سلطة شعبيه ممثله بالمقاومة الشعبيه في المدينه والريف والوجود التقدمي في مؤسسات الدوله من جهه، وسلطة الاقطاع والكمبرادور من جهه اخرى. لكن غياب الوضوح الاستراتيجي والتكتيكي قد أعاق خطوة جرئيه كهذه.وفي تلك الفترة أخذ فرع الحركة، وخاصة في صنعاء، يغازل مسألة الاستيلاء على السلطه، بل وشرع في الاعداد العملي لذلك.لكن هذه المغازله ضلت اسيرة الحوارات في اطار الاوضاع التنظيميه وخاصه القياديه والتي لم تستطيع في ذلك الوقت الوصول الي موقف حازم وموحد تجاه هذه المسأله.واتخذت بعض العناصر القياديه مواقف مترددة لعدم فهم طبيعة موازين القوى، وتحت وطأة الخوف من الفشل.كما ان الاتجاه الاخر الذي طرح بألحاح مسألة الاستيلاء على السلطه قد وقع في اخطاء تكتيكية تميزت بالفوضوية كالبروز امام السلطه، واستعراض نفوذ الحركه في الجيش والمقاومة الشعبيه، وانعدام المواقف الموحدة والعجز عن استقطاب العناصر الوطنيه التي كان يمكن الاستفاده منها في ذلك الوقت.*
*وفي ظل تخوف الاقطاع والكمبرادور من شعارات الحركة الوطنيه، وعجز الاخيرة عن حسم مسألة السلطة، اخذت هذه القوى تتجمع وتعد نفسها متحالفة مع الرجعيه العربيه والامبرياليه العالميه في سبيل الابقاء على سلطتها ومصالحها، وتصفية الحساب مع الحركة الوطنية، واحتواء ثورة سبتمبر ومكاسبها من الداخل.وأستخدمت لذلك نفوذها في السلطه وعلاقتها القبلية، وامكانياتها الاقتصاديه، وبدأت سلسله من المؤامرات والهجمات ضد مؤسسات للعمل الوطني ابتداء بتصفية المقاومة الشعبيه في الحديده في 21مارس1968م، وأنتهاء بأحداث 23، 24اغسطس في صنعاء التي حسمت الصراع لصالح قوى الاقطاع والكمبرادور، وغيرت موازين القوى لصالح هذا التحالف.*
يتبع